جاري تحميل ... أحفظ كتاب الله

آخر الأخبار

إعلان في أعلي التدوينة

جزء عمسورة النازعات

سورة النازعات - تفسير وتدبّر وطريقة حفظ بربط الآيات وتثبيت الخواتيم والمتشابهات

سورة النازعات -  تفسير وتدبّر وطريقة حفظ بربط الآيات وتثبيت الخواتيم والمتشابهات


رابط تحميل بطاقات سورة النازعات

 (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا ١﴾﴿ وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا ٢﴾ ﴿ وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا ٣ )

 ( فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا ٤﴾ ﴿ فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ٥ ) 

أقسم الله تعالى بالملائكة الكرام في أوائل السورة. فابتدأ قوله تعالى بواو القسم، وقد يكون القسم بالملائكة على أنّ البعث كائن لا محالة، وقد.يكون القسم بهم لمكانتهم العالية فالإيمان بهم ركن من أركان الإيمان 

:ملاحظة

ترتيب الكلمات (النّازعات / النّاشطات) كلاهما تبتدئان بالنون الممدودة، أمّا كلمتي (السّابحات السّابقات) فكلاهما تبتدئان بالسين الممدودة

وبالنسبة لحروف الوصل، تأتي الواو في أول السطر ﴿ وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا ١﴾﴿ وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا ٢﴾ ﴿ وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا) ٣

وفي ثاني سطر نجد حرف الفاء ﴿ فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا ٤﴾ ﴿ فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ٥﴾.هذا بالنسبة لكيفية الحفظ و التثبيت

رابط تحميل بطاقات سورة النازعات

نأتي إلى شرح الآيات "النّازعات" هي الملائكة التي تنزع روح الكافر نزعا شديدا عنيفا، فتغرق الملائكة في نزع الروح بعنف (غرقا) 

.حتى تخرج فتجازى بعملها، لأنّ النفس الكافرة عاصية فتخاف لقاء ربها وتأبى الخروج. فهي تُنزع روحها

"وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا ٢﴾ أما النفس المؤمنة التقية فتُخرج الملائكة روحها بسهولة ونشاط لأنها ترجو لقاء الله، "اللهم اجعلنا منهم ثم قال تعالى : ﴿ وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا ٣﴾ هي الملائكة التي تسبح وتتردد في الهواء صعودا ونزولا مطبقة لأوامر الله تعالى 

(فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا ٤﴾ ﴿ فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ٥)

السابقات" لأنها سبقت إلى الإيمان بالله والتصديق به، والقول الأقوى فلأنها تبادر بأمر الله وتسبق الشياطين في

إيصال الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا تسترقه

 فَالْمُدَبِّرَاتِ هي الملائكة الموكّلة بتدبير الكثير من أمور العالم السفلي والعلوي كالرياح والأمطار والوحي والأرواح و  ذكر الناس لله.فلكل أمر ملائكة موكلين به

.إذن الخمس آيات الأولى هي قسم بالملائكة على أن البعث كائن لا محالة أو قسم بالملائكة عموما

رابط تحميل بطاقات سورة النازعات

:ثم ذكر الله تعالى هذا الذي أقسم عليه وهو يوم البعث

( يوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ ٦﴾ ﴿ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ ٧)

ترجف أي تضطرب الأرض بـنفخة الصعق وهي الرجفة التي تُرجف العباد وتخوّفهم)والملك المكلّف بالنفخ في الصور هو "إسرافيل عليه السلام" وذكرنا هذا بالتفصيل في سورة النبأ. فيوجد نفختان: "نفخة صعق" تصعق كل من على الأرض، و "نفخة بعث" توقظ كل من هم تحت الأرض.ولهذا قال تعالى ﴿ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ ٧﴾ تتبع النفخة الأولى التي تُرجف العباد والتي وصفها الله تعالى بالرّاجفة، نفخةً أخرى وهي "نفخة البعث" سماها الله تعالى بالرّادفة، لأنها تلي وتردف وتتبع النفخة الأولى، فيقوم الناس ليوم الحساب، و "إسرافيل عليه السلام" مستعد للنفخ في الصور وينتظر أمر ربه

في هذا اليوم تصبح القلوب خائفة فقال تعالى

قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ ٨﴾ ﴿ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ ٩)

﴿ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ ٨﴾ أي خائفة، ﴿ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ ٩﴾ أصحاب هذه القلوب تصبح 

 أبصارهم ذليلة منكسرة خاشعة. أبصارها: ضميرالهاء يعود إلى أصحاب القلوب 

:وكل هذه الصفات إنّما هي من شدة هول ما يروه. فيتعجّب الكفّار المكذّبين بيوم الحساب ويتساءلون 

 يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ ١٠﴾ ﴿ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَّخِرَةً (١١))

:مقارنة بين روايتي حفص و ورش

في رواية ورش نقول (إِذَا كُنَّا عِظَٰماٗ نَّخِرَةٗۖ)

.أما برواية حفص فنقول ﴿ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَّخِرَةً ١١﴾ حتى يتسنّى لمن يحفظ معنا برواية ورش أن يرى الفرق

 فيتساءلون "هل فعلا سنردّ إلى أوّل حالنا قبل الموت؟! فالحافرة هي الحالة التي كانوا عليها في حياتهم، الطريق التي حفروها وسلكوها ي حياتهم، فالعرب تقول: "عاد فلان إلى حافرته" أي إلى حاله الأول

!!!!!فيكون المعنى "هل نعود إلى حالنا الذي كنّا عليه من قبل؟! ونُبعث من جديد بعدما كنا عظاما بالية في القبور؟!" هذا لا يُعقل

فهم كذّبوا بما ذُكر في الكتاب في حياتهم، فكانوا لا يرجون حسابا، ولهذا تعجّبوا، وقالوا "فإذا كان الأمر كذلك فقد لحق  بنا خسرانا كبيرا

(قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ ١٢) 

والكرّة هي الرّجعة مرّة أخرى، ومنها كلمة التّكرار 

 فبعث العباد بعد موتهم ليس بالأمر الصّعب على خالق الكون

 فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ ١٣﴾ ﴿ فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ (١٤)) 

فكلّ ما في الأمر أن الله تعالى بأمر واحد، بصيحة واحدة، فإذا بكل الخلق على مر العصور قياما على وجه الأرض؛ 

 الكل يجتمع في صعيد واحد سمّاه الله تعالى بـ "السّاهرة" وقيل هي أرض بيضاء لم يعصى فيها الله تعالى، يُؤتى بها ليحاسَب عليها الخلائق

!فتعجّبوا، بعدما كانوا في باطنها يخرجون إلى الحساب؟

.فالآيات التي تأتي بعد القسم كلها تتحدث عن أهوال يوم القيامة

ثم ينتقل الله تعالى للحديث عن قصة موسى مع فرعون، ولمن يريد أن يربط الآيات لفظيا

  فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ ١٤﴾ ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى ١٥﴾ نربطهما بحرف الهاء) 

حتّى نضبط تسلسل الآيات، فالله تعالى أعطى مثالا على الذين كذّبوا بيوم البعث الذين يقولون (يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ  أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَّخِرَةً ١١

رابط تحميل بطاقات سورة النازعات

:فمثل هؤلاء المكذبين كمثل فرعون فقال الله تعالى

هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى ١٥﴾ ﴿ إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (١٦)

"إذْ" تفيد بداية قصّة، فالله تعالى يخبر نبيه صلى الله عليه وسلم بقصة موسى مع فرعون، إذ أنه نادى موسى كليم الله لمّا كان بالوادي المقدّس المطهّر "طوى" وهو اسم الواد على الصحيح، فبماذا أمره عندما ناداه؟ قال له 

( اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ١٧﴾ ﴿ فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى ١٨) 

( وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى ١٩)

:ملاحظة

.للذين يحفظون برواية ورش نقول "تزّكّى" حرف الزاي يأتي مشدّدا 


 فبعثه الله تعالى رسولا إلى فرعون لأنه تجاوز الحد في الكفر والطغيان. ﴿ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ١٧﴾ وماذا يقول
 له؟ ﴿ فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى ١٨﴾ وما نلاحظه أن الله تعالى أمر رسوله بلين القول، أي أن يكون لطيفا في الخطاب ليّنا كما قال تعالى ﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ﴾[ سورة طه: 44] فهذا هو شرع الله تعالى فمن كان يدعو إلى الله فليدعو بالحسن قال تعالى ﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159]
فأمره أن يعرض على فرعون زكاة نفسه أي تطهيرها من الشرك والذنوب والمعاصي، وأن يدلّه إلى عبادة الله الواحد الأحد ويخضع لطاعته ﴿ وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى ١٩﴾ فالله تعالى بعث موسى لفرعون بقول، وزوّده بفعل كذلك لتكون حجّته أقوى 

( فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى ٢٠) 

ذهب موسى مزوّدا بدلائل وبراهين على نبوّته ليريها لفرعون حتى يؤمن ويرى بعينيه قدرة الله تعالى ﴿ فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ﴾[ سورة الأعراف: 107]

لكن فرعون قابله بـالتكذيب والعصيان

فَكَذَّبَ وَعَصَى ٢١﴾ ﴿ ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى ٢٢) 

الفاء تفيد التعقيب، فمباشرة بعدما
 أبلغه موسى أمر الله، كذّب وعصى الأمر ﴿ ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى ٢٢﴾ "ثم" تفيد الترتيب، ثم أدبر أي ذهب وترك موسى وحده وسعى واجتهد في معارضة ومبارزة رسول الله موسى عليه السلام

ملخّص ما ذكر الله تعالى في الآيات السابقة : ذكر تعالى قول موسى عليه السلام وفعله﴿ فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى ١٨﴾ ﴿ وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى ١٩﴾ ﴿ فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى ٢٠﴾ ثم ذكر تعالى قول و فعل فرعون ﴿ فَكَذَّبَ وَعَصَى ٢١﴾ ﴿ ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى )٢٢،عندما أدبر فرعون، ماذا فعل؟

رابط تحميل بطاقات سورة النازعات

     

فحَشَرَ فَنَادَى ٢٣﴾ ﴿ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ٢٤) 

جمع الناس جميعا ونادى فيهم بصوت عالي " أنا ربكم الأعلى ولا ربّ  لكم سواي" وحشر السحرة الذين سيقابلون موسى الذي اتهموه بالسحرفكان عقابه شديدا بسبب قوله الشنيع هذا

 (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى ٢٥)

نكال أي عقوبة رادعة يتعظ منها الغير، فعاقبه الله تعالى في الأولى، أي في الدنيا بإغراقه في البحر أمام مرأى موسى الذي جاء يأمره بعبادة الله وحده، وفي الآخرة عذابه أشد وأقوى
ومن المفسرين من قال أن فرعون قال قبل هذا "ما علمت لكم من إله غيري" وفي المرة الثانية قال "أنا ربكم الأعلى" فعاقبه الله نكال أي عاقبة يتعظ بها الناس بما قاله في المرة الأولى وبما قاله في المرة الثانية. والله أعلم

 :ثم قال تعالى

( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى ٢٦)

أي في قصة فرعون وموسى وكل المكذبين عبرة لمن يخشى الله. فمن يخشاوه ويتّبع أوامره يعتبر من عقوبات الذين من قبلهم ويأخذ منها المواعظ، وأما من لا يخشى الله فقلبه قاس ولا يتذكر في أمثال من قبله ولا في عواقب عصيانهم، ولهذا يجب التأمل في القصص التي ذكرت في القرآن الكريم 
 وهنا يُسدل الستار على قصة موسى مع فرعون المكذّب بالبعث

 ذكر الله تعالى في بداية السورة حال المكذبين بيوم البعث والحساب، فتكبروا في حياتهم الدنيا وأنكروا يوم البعث، وذكر بعدها قصة فرعون الذي تجبر كذلك وطغى، فكانت عقوبته شديدة

ثم يبين الله تعالى لهؤلاء الطغاة المتكبرين عن عبادة الله، المكذبين بيوم البعث، قدرته في خلق الكون لعلهم يتعظون، قال تعالى في نهاية قصة فرعون ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى ٢٦﴾ والإنسان يأخذ العبرة من خلق الله في الكون، لأن التأمل في آيات الله تؤدي إلى خشيته، قال الله تعالى "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ*وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ" [فاطر:28] فمن علِم وتأمّل في قدرة الله هو من يخشى الله. فذكر الله تعالى دلائل قدرته لكي يتعظ الناس ويخشاه، فقال 

( أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا ٢٧﴾ ﴿ رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا ٢٨)

وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ٢٩) 

 هنا يجوز الوقف عند كلمة السماء فنقول ( أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ )
 (ثم ذكر خلقه للسماء ﴿ ….بَنَاهَا﴿ رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا ٢٨
 فليقارن الإنسان الضعيف نفسه بخلق السماء العظيمة، سقف كل الدنيا فالسماء أعظم وأكبر، فالله تعالى يذكّر عباده بقدرته في خلق ما هو أعظم و أكبر منه،و ذكر السماء التي بُنيت سقفا للعباد، كيف بناها ؟ "رفع سمكها" أي أتقن بناءها السميك، فسوّاها أي جعلها عالية البناء مستوية الأرجاء لا فطور فيها﴿ وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ٢٩﴾  أي أظلم ليل هذه السماء بغروب الشمس، وأخرج في المقابل نورها بشروق الشمس وضحاها. فالسماء تظلم وتنير بغروب وشروق الشمس

:ثم ينتقل الله تعالى إلى خلق الأرض

(وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ٣٠)

دحاها أي بسطها وزوّدها بكل ما ينفع الناس، كيف ذلك؟ 

 أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا ٣١﴾ ﴿وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا ٣٢)

(مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ٣٣)


فشقّ الأرض لتنبعث منها الماء من أنهار ووديان… وأخرج كذلك من الأرض مرعاها: ما يُرعى من النبات، فالماء والمرعى أساس الحياة .
وكيف ثبّت هذه الأرض حتى لا تضطرب ؟ ﴿ وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا ٣٢﴾ أي ثبّتها في الأرض رواسي كالأوتاد التي تثبّت الخيمة أو الأركان 
 لمن كل هذا الخلق؟ ﴿ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ٣٣﴾ ليتقوّت به الإنسان والحيوان.فكل هذا الخلق جعله الله إكراما للإنسان ورحمة به

:ملاحظة

ذكر الله تعالى في هذه السورة الكريمة السماء قبل الأرض، مع أنه ذكر في آيات عديدة أنّ خلق الأرض كان قبل خلق السّماوات، فلماذا ذُكرت هنا قبل؟ 
 قال ابن عباس رضي الله عنهما أنّ خلق الأرض كان قبل خلق السماء كقوله تعالى ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ٢٩﴾ سُّورَة البَقَرَة، ولكن دحْي الأرض في قوله تعالى ﴿ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ٣٠﴾ بمعنى تزويد الأرض بكل ما ينفع الناس كان بعد خلق السماء، أي أنه تعالى خلق الأرض ثم السماء ثم دحا الأرض أي جعلها مهيئة للعيش

:وبعد ذكر قدرته تعالى في خلق الكون، وذكر متاع الإنسان على الأرض التي مرّ عليها، ذكّر بيوم الحساب فقال

  (فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى ٣٤﴾ ﴿ يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ مَا سَعَى ٣٥) 

( وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَى ٣٦) 

أي إذا جاء يوم القيامة، وصفها الله تعالى بالطّامّة الكبرى، وهو اسم من أسماء يوم القيامة لأنها تطمّ على كل أمر هائل عظيم وتعمّ كل الأمور العظيمة؛

 في هذا اليوم يتذكر الإنسان كل ما قدّمه في حياته، في هذا اليوم أيضا يُعرض مأوى المكذّبين بالبعث المذكورين في 
أول السورة، ولهذا بدأ الله تعالى بذكرهم حسب سياق السورة، فقال
 وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَى ٣٦﴾ بُرّزت أي ظهرت عيانا، فجهنم يومئذ تكون بارزة للناظرين،الكل يشاهدها، وفي هذا
: اليوم يعرض طريقان

(فَأَمَّا مَن طَغَى ٣٧﴾ ﴿ وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ٣٨﴾ ﴿ فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى ٣٩)

 دائما نبدأ بـالمكذبين وذلك حسب سياق السورة، فمن طغى وتجاوز حدود الله كفرعون ومن بعده، وقدّم الحياة الدنيا على الآخرة وفضّلها عليها، فإن الجحيم التي بُرّزت للناظرين هي مأواه، وهذا لا يعني إهمال الحياة الدنيا وعدم السعي فيها، بل خذ نصيبك من الدنيا وعيش هنيئا، ولكن ضع أمامك حياتك الآخرة التي فيها الخلود

:وفي المقابل 

( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ٤٠﴾ ﴿ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ٤١)

 أي من خاف القيام بين يدي الله تعالى للحساب (مقام ربّه) ولم يمش وراء أهواء الدنيا وجاهد نفسه في تجنب المحارم وردّها إلى طاعة الله، فإن مأواه الجنة

 :الفرق بين رواية حفص وورش 

في رواية حفص الآية ﴿ فَأَمَّا مَن طَغَى ٣٧﴾ آية لوحدها، والآية ﴿ وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ٣٨﴾ آية لوحدها، وبهذا يكون لدينا ستة وأربعون آية في سورة النزعات برواية حفص.
أما برواية ورش " فَأَمَّا مَن طَغ۪يٰ وَءَاثَرَ اَ۬لْحَيَوٰةَ اَ۬لدُّنْي۪ا ٣٧ "  ا كلها آية واحدة فبالتالي برواية ورش سورة النّازعات خمسة وأربعون آية

رابط تحميل بطاقات سورة النازعات

وبعدما ذكر جزاء كل فريق، ذكر يوم هذا العذاب، متى سيتم هذا الجزاء؟ وعن هذا اليوم العظيم، يوم البعث والحساب، سيسأل المكذبين به رسول الله صلى وسلم عن وقت وقوعه استهزاء لأنهم استبعدوا وقوعه، فقال تعالى

 (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ٤٢)

 الساعة هو اسم من أسماء يوم القيامة، يسألونك يامحمد متى ترسى يوم القيامة أي متى ميعادها؟ كقولنا مرسى السفينة أي مستقرها.  ثم يخبره الله تعالى بأن ليس لأحد علم بذلك

( فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا ٤٣﴾ ﴿ إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا ٤٤)

 .فالله وحده يعلم بذلك، فمنتهى علم الساعة إلى الله 

 (إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا ٤٥)

 علمها عند الله، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لا علم له بوقتها، إنّما أُرسل ليبلّغ العباد رسالة ربهم و ينذرهم من عقاب الله حتى يخشوا يوم الحساب، ويُبشّر المؤمنين بالجزاء الحسن. فمن يخشى الله يعمل ليوم الحساب

 (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ٤٦)

 فيوم يرى المكذبون مشهد يوم الحساب يقولون "كأننا عشنا في الأرض عشية أو ضحى من يوم (العشيّة بين الظّهر والغروب، والضّحى بين طلوع الشمس إلى منتصف النهار) فيستقصرون مدة حياتهم بعدما كانوا يستبعدون يوم الحساب
رابط فيديو طريقة حفظ وتثبيت سورة النازعات على قناة "أحفظ كتب الله" أتشرف باشتراككم
 



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

Nom

E-mail *

Message *

مدونة "أحفظ كتاب الله" مهتمة بتفسير وفهم معاني القرآن الكريم، مع وضع طريقة لحفظه و تثبيت الخواتيم و المتشابهات ,