جاري تحميل ... أحفظ كتاب الله

آخر الأخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الوجه128سورة الأنعام

طريقة حفظ وتدبر الوجه الأول من سورة الأنعام

 


نزلت سورة الأنعام بمكة ليلاً جملة، فهي سورة مكية بالإجماع، نزلت وحولها 70 ألف ملكاً يسبحون حولها ونزلت على رسول الله صلوات الله عليه وهو على ناقة فكادت أن تُكسر عظامها من ثقلها، لما نزلت سبّح رسول الله وقال " لقد شيّع هذه الشورة من الملائكة ما سدّ الأفق"  وعنِ ابنِ عبَّاسٍ رضِي اللهُ عنهما، قالَ: (نزَلَتْ سورَةُ الأنعامِ بمَكَّةَ ليلًا جُملةً، حولَها سَبعونَ ألفَ مَلَكٍ، يَجأرُونَ حولَها بالتَّسبيحِ)




مقاصد السورة 

من أهمِّ المقاصد التي تضمَّنتها سورةُ البقرة

 ترسيخُ العَقيدةِ، وتعريفُ النَّاسِ بربِّهم، وتعبيدُهم له، وإقامةُ الأدلَّةِ على وحدانيَّةِ اللهِ، وصِدقِ رسولِه، وعلى اليومِ الآخرِ

 مُحاجَّةُ المشركِينَ وغيرِهم من المُبتدِعينَ، ومَن كذَّبَ بالبَعْثِ والنُّشورِ، ودحْضُ شُبَهِهم


تفسير الآيات وربطها وتدبّرها 

 

ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَۖ ثُمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡ يَعۡدِلُونَ (1)

قيل إن السورة بأكملها تفسيرا لهذه الآية، فمن أراد أن يفقه معنى الحمد لله فليقرأ سورة الأنعام. وقيل كذلك من لطائف العلم ومن أقوال البقاعي رحمه الله أن كل ربع من القرآن ابتدأ بالحمد: فالفاتحة ابتدأت بالحمد والأنعام ابتدأت بالحمد، والكهف في وسط القرآن ابتدأت بالكهف، وفاطر قريبة من يسين ابتدأت بالحمد كذلك

بدأ الله تعالى السورة الكريمة بالثناء عليه وأنه خالق السماوات والأرض وجاعل الظلمات والنور، وكما نلاحظ جمع الله تعالى كلمة "السماوات" وأفرد كلمة "الأرض" قيل لأن السماوات سبع طبقات منفصلة عن بعضها البعض ولكل سماء أهلها وحرّاسها، أمّا الأرض فهي سبع طبقات لكنها متصلة ببعضها البعض. وجمع الظلمات وأفرد النور، فالظلمات متشعبة ومتعددة وسبل الضلال لا تعد ولا تحصى، أما طريق الحق والنور فهو واحد ألا وهو طريق الله. وكلمتي الظلمات والنور جامعتين للمعنى الحسي كالليل والنهار والشمس والقمر، وللمعنى المعنوي كظلمات الجهل والشك والمعصية ونور العلم والإيمان واليقين. فمع كل هذه الآيات البينة فإن الذين كفروا جعلوا مع الله شريكاً وعدلاً أي مساوياً لله تعالى سبحانه عما يشركون. وهذا هو معنى "يعدلون" من كلمة العدل أي يساوون. فخلق السماوات والأرض ثم خلق البشر فقال


هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٖ ثُمَّ قَضَىٰٓ أَجَلٗاۖ وَأَجَلٞ مُّسَمًّى عِندَهُۥۖ ثُمَّ أَنتُمۡ تَمۡتَرُونَ (2)

فخلق الله تعالى البشر بدءًا بسيدنا آدم عليه السلام الذي خلقه من طين، ثم قضى أجلًا أي حدّد أجل ومدة إقامة عباده على الأرض حتى ينقضي أجل الإنسان ويموت. ولكل منا أجل مسمى عند الله وهي الآخرة موعد القيامة التي ينتقل إليها العباد بعد انقضاء أجلهم في الدنيا. وعلمها عند الله ومع كل هذا أنتم  تمترون في وعد الله أي تشكون

تأملات من ناحية الإعراب 

ثُمَّ قَضَىٰٓ أَجَلٗا: أجلا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره

وَأَجَلٞ مُّسَمًّى عِندَهُۥ: أجل: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره

ثم قال

 وَهُوَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَفِي ٱلۡأَرۡضِ يَعۡلَمُ سِرَّكُمۡ وَجَهۡرَكُمۡ وَيَعۡلَمُ مَا تَكۡسِبُونَ (3)

اختلف العلماء في تفسير هذه الآية على ثلاثة أقوال، لكن أولاً نبعد قول الذين قالوا إنها تحمل معنى الله في كل مكان تعالى عما يقولون

القول الأول: بمعنى هو الله المدعو والمعبود في السماوات وفي الأرض، وهذا أفضل الأقوال 

القول الثاني: بمعنى هو الله يعلم سركم وجهركم في السماوات وفي الأرض ويعلم ما تكسبون، قريب المعنى من القول الأول 

أما القول الثالث فقد اختاره ابن جرير رحمه الله: هو الله في السماوات ثم نقف ثم يأتي قوله تعالى وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون. أي هو في السماء وخلقه في الأرض يدبر أمورهم 

ثم يعود الكلام على المشركين والكافرين والمكذبين فقال 

وَمَا تَأۡتِيهِم مِّنۡ ءَايَةٖ مِّنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِمۡ إِلَّا كَانُواْ عَنۡهَا مُعۡرِضِينَ (4) 

أي أنهم مهما أتتهم من دلائل وحجج فإنهم يعرضون عنها ولا يبالون لها 

فَقَدۡ كَذَّبُواْ بِٱلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمۡ فَسَوۡفَ يَأۡتِيهِمۡ أَنۢبَٰٓؤُاْ مَا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ (5) 

فالله أرسل رسوله بالحق ولكنهم كذبوا به فسوف يعلمون يوم الحساب جزاء ما استهزأوا به. ثم ذكّرهم بما حلّ بأشباههم الذين كفروا من الأمم السابقة والذين كانوا أكثر قوة ومالاً وولداً وعمارة للأرض لكنهم أُهلكوا بذنوبهم فوجب اتخاذ العبرة منهم. فقال

أَلَمۡ يَرَوۡاْ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَبۡلِهِم مِّن قَرۡنٖ مَّكَّنَّٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَا لَمۡ نُمَكِّن لَّكُمۡ وَأَرۡسَلۡنَا ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡهِم مِّدۡرَارٗا وَجَعَلۡنَا ٱلۡأَنۡهَٰرَ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهِمۡ فَأَهۡلَكۡنَٰهُم بِذُنُوبِهِمۡ وَأَنشَأۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِمۡ قَرۡنًا ءَاخَرِينَ (6)

قال الله تعالى ألم يروا ويسمعوا أخبار الذين أهلكناهم من قبل؟ ! فشبه جزيرة العرب مليئة بآثار الأقوام الذين أُهلكوا كعاد وثمود ومدين وكانوا يعرفونها العرب. والقرن هو المدة الطويلة ويطلق على مئة عام، ويطلق كذلك على الجيل فنقول قرون بمعنى أجيال أي الذي عاش مدة طويلة

إذن كلمة قرون هنا بمعنى أمم سبقت أُهلكوا مع أن الله تعالى مكّنهم في الأرض ما لم يمكّن آخرين وكما لم يمكّن كفار قريش أيضا

و"مكّناهم" مشتقة من كلمة المكانة أي أعطيناهم مكان مرموقة ومكاناً في الأرض أي قراراً وامددناهم بنعم كثيرة فكانوا أكثر قوة ورفاهية وأموال وبنين، وزادهم الله تعالى أن أرسل عليهم نعمة الماء من السماء الذي ينبت الأرض وتزدهر به الحياة. مدراراً أي غزيرا، وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم. فأرسل الأمطار من السماء وفجّر لهم الماء من الأرض فكانوا في رغد كبير من العيش. ولكنهم أهلكوا بذنوبهم وأنشأ تعالى من بعدهم قروناً وأجيالا آخرين' لماذا؟ لأنهم قابلوا نعم الله لهم بالتكذيب فكان جزاؤهم الهلاك وما هو على الله بعسير إنما هو على الله يسير أن يذهب أقواماً ويأتي بآخرين فجعلهم الله تعالى أحاديث تُذكر وخلف بعدهم قوماً آخرين.

ثم خاطب رسوله صلوات الله عليه وأخبره عن المكذبين به كما أخبر في الآية السابقة عن المكذبين بالرسل السابقة فقال 

وَلَوۡ نَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ كِتَٰبٗا فِي قِرۡطَاسٖ فَلَمَسُوهُ بِأَيۡدِيهِمۡ لَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ (7)

فحتّى لو نزّل الله عليك الكتاب في قرطاس أي صحيفة من ورق، كاملاً مكتملاً وعاينوه ورأوا بأعينهم نزوله ولمسوه بأيديهم ليس وحياً، لقالوا هذا سحر مبين ظاهر. فهم أعرضوا عن الإيمان ظلماً وبغياً وليس جهلاً منهم. ثم لقالوا أمراً آخر أشد قبحاً

وَقَالُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ مَلَكٞۖ وَلَوۡ أَنزَلۡنَا مَلَكٗا لَّقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ثُمَّ لَا يُنظَرُونَ (8)

فادّعوا أنه لو أنزل الله تعالى ملكاً من السماء على رسول الأرض ليعاونه لكان أفضل، لأنهم يزعمون أن رسالة الله لا تكون إلا على يد ملائكة وهو أبلغ في إيصال الوحي. ومحمد صلى الله عليه وسلم بشر فلم يتقبلوا الأمر منه. ولكنّ الله تعالى الذي يعلم سرّهم وجهرهم يعلم أنهم لن يؤمنوا ولو حصل ذلك فقال: "وَلَوۡ أَنزَلۡنَا مَلَكٗا لَّقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ثُمَّ لَا يُنظَرُون" فلو أنزل الله ملكاً ثم لم يؤمنوا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم لحقّ عليهم عذابه لقضي الأمر ثمّ لا يُمهلون ويُعجّل لهم الهلاك كالذين من قبلهم، كالذي حدث مع أصحاب عيسى عليه السلام لمّا طلبوا من الله أن ينزّل عليهم مائدة من السّماء فرد ّعليهم  ﴿ قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ ۖ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَّا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ﴾[ المائدة: 115]  فلو استجاب الله لطلبهم وأنزل ملكاً ثم لم يؤمنوا لقضي الأمر ولأهلكهم كما أهلك الذين من قبلهم.


التالي
هذا هو أحدث مقال.
السابق
Article plus ancien

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

Nom

E-mail *

Message *

مدونة "أحفظ كتاب الله" مهتمة بتفسير وفهم معاني القرآن الكريم، مع وضع طريقة لحفظه و تثبيت الخواتيم و المتشابهات ,