جاري تحميل ... أحفظ كتاب الله

آخر الأخبار

إعلان في أعلي التدوينة

قصة أصحاب الأخدودقصص القرآن الكريم والسنة النبوية

قصة أصحاب الأخدود - قصة الملك والغلام والراهب

قصة الملك والغلام والراهب

قصة أصحاب الأخدود


قصة من قصص القرآن الكريم ذكرها الله تعالى في سورة البروج والمذكورة في حديث قصة الغلام والراهب والملك ذُكر في صحيح مسلم عن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان ملك فيمن سبقنا من الأمم، والأرجح أنها بعد عهد عيسى لما تفرّق الناس وحصل الضلال في شريعته وكان لهذا الملك ساحر، فلما كبر قال للملك:

"إني قد كبرت فابعث لي غلاما أعلّمه السّحر ويخلفني من بعدي"

فبعث إليه غلاما يعلّمه، فلمّا كان الغلام يذهب إلى الساحر ليتعلّم يمر على راهب في طريقه، وكان قد بقي رهبان قلّة على دين التوحيد، دين عيسى عليه السلام، وكان هذا الراهب يتعبّد في صومعته، فيقصد إليه الغلام ويسمع كلامه ويتعلّم منه فأعجبه كلامه، فكان إذا أتى الساحر مرّ بالراهب وقعد إليه، فلما يصل عند الساحر يضربه هذا الأخير لأنه تأخّر، فشكا الغلام ذلك إلى الراهب، فقال له الراهب: 

"إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر، أي إذا تأخّرت في الوصول إلى الساحر فقل تأخّرت بسبب أهلي، وإذا تأخّرت للوصول إلى أهلك فقل تأخّرت بسبب الساحر"

وما هذا إلا ليجلس معه ويتعلّم من علمه، ويغلب العلم النافع على علم ساحر.

وكان الراهب يرى أن المصلحة في هذا تطغى على مفسدة الكذب، لأنه كان يريد أن يبقى الغلام معه ويتعلم من كلام الله. وبينما هو على هذه الحال مدة من الزمن، إذ خرجت على الناس دابّة عظيمة، قيل كانت أسدا، وقيل ثعبانا، فخاف الناس منها ومنعتهم من الوصول لحوائجهم، فقال الغلام في نفسه عند ما رأى الدابة العظيمة: 

" اليوم أعلَمُ هل السّاحر أفضل أم الراهب، فاعلم من هو أنفع اتّباعا؟"

فماذا فعل؟ أخذ حجرا؟ وقال:

" اللهم إن كان أمر الراهب أحبّ إليك من أمر السّاحر، فاقتل هذه الدابة بهذه الحجارة حتى يمضي الناس إلى شؤونهم"

 
فرمى بها فقتلها، ومضى الناس لانشغالهم، فذهب للراهب وأخبره بما فعله، فقال له الراهب:
" أيْ بنيّ أنت اليوم أفضل مني وأعظم درجة عند الله، قد بلغ من أمرك ما أرى" 

فالراهب قال هذا لِما منّ الله على الغلام من كرامة الاستجابة لدعائه، ثم وضّح له الأمر: 

"وإنك ستُبتلى أي لن يتركك الملك تتعبد الله، فإن ابتُليت فلا تدل عليّ" 

فأفهمه الراهب أن الله تعالى أكرمه ورفعه في المنزلة، وسيلقى عدوانا من الملك فعليه الصبر، وأن لا يخبر على الراهب حتى لا يصل إليه ويقتله، فيقتل علمه معه.
فانتشر أمر الغلام بين الناس، وكان هذا الغلام يبرئ الأكمة أي الذي يولد أعمى، والأبرص الذي له مرض جلدي، ويداوي الناس من جميع الأمراض، فسمع به جليس للملك أي من المقربين من الملك كان قد فقد بصره، فأتاه بهدايا كثيرة، وقال له:
"سأعطيك كل هذه الهدايا إن أنت شفيتني، كل هذه الخيرات لك إن أنت رددت عليّ بصري"

 فقال الغلام:
"إني لا اشفي أحدا إنما يشفي اللهُ، فإن أنت آمنت بالله دعوتُ اللهَ فقد شفاك" 

فآمن الرجل بالله وشُفيَ، فأتاه الملك فقال له: 

" من ردّ عليك بصرك؟" قال الغلام: "ربي" قال: "أولك ربّ غيري؟!" قال: "ربّي وربّك الله" 

 فأخذه وعذّبه حتى دلّ على الغلام، فجيء بالغلام فقال له الملك: 

"أي بنيّ قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل" 

 أي بلغه أنّ الغلام ساحر ماهر ويُشفي الناس. فقال الغلام: 

"إني لا اشفي أحدا إنما يشفي اللهُ" 

فأخذه الملك وعذّبه حتى دلّ على الراهب الذي علّمه، فجيء بالراهب فقال له: 

"ارجع عن دينك" فأبى الراهب، فطلب الملك منشارًا فوضعه فوق رأسه فشقّه نصفين، ثم جيء بجليس الملك الذي رُدّ إليه بصره، فقال له: 

"ارجع عن دينك" فأبى، فوضع المنشار فوق رأسه فشقّه نصفين، ثم جيء بـالغلام الذي رأى ما فعله الملك بصاحبه الراهب وبالجليس، فقال له: 

"ارجع عن دينك" فأبى الغلام، فدفعه إلى نفر من أصحاب الملك، فقال: 

"اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا، فاصعدوا به الجبل، فإذا بلغتم ذروته، فإن لم يرجع عن دينه فاطرحوه" فذهبوا به وصعدوا به الجبل، فقال الغلام:

 "اللّهمّ اكفنيهم بما شئت" أي كن دافعا عني من شرهم، وأحفظني، فرجف بهم الجبل فسقطوا، فعاد الغلام إلى الملك ليريه آية الله بنصر أهل دينه، فقال له الملك: 

"ما فعل أصحابك الذين كانوا معك؟" قال الغلام: "كفانيهم الله" فالله كفاه شرهم، فدفعه الملك إلى نفر آخر من أصحابه، فقال:

 "اذهبوا به فاحملوه في قرقورة أي سفينة عظيمة، فتوسّطوا به البحر، فإن لم يرجع عن دينه فاقذفوه في البحر"

 فذهبوا به، فقال الغلام نفس الدعاء "اللهم أكفنيهم بما شئت" فانقلبت بهم السفينة فغرقوا، وجاء يمشي إلى الملك سالما، فقال له الملك:

 "ما فعل أصحابك أي الذين كانوا معك؟" قال: "كفانيهم الله" ثم واصل حديثه و قال: 

"إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به"
 قال الملك: "وما هو؟" قال الغلام: 

"تجمع الناس في صعيد واحد أي في مكان واحد، وتصلبني على جذع، ثم خد سهما وضعْه في وسط القوس ثم قل "بسم الله رب الغلام" ثم ارمني به، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني"

 
وكان الغلام ذكيا إذ طلب منه أن يكون الناس بكثرة، ففعل الملك ما قاله الغلام وقال "بسم الله رب الغلام" فوقع السهم في صدغ الغلام أي بين العين وشحمة الأذن فمات الغلام. فبدأ الناس يصرخون ويقولون لمّا رأوا الآية العظمى الشاهدة على وحدانية الله: 

"آمنّا بربّ الغلام آمنّا بربّ الغلام آمنّا بربّ الغلام" لأنهم رأوا الملك محاولات قتل الملك للغلام مرارا وتكرارا ولم يستطع بفضل حفظ الله للغلام، ولكنه عندما ذكر اسم الله كان له ما أراد، فانبهر الناس وآمنوا.


فجاء إلى الملك أحد أتباعه ذات يوم وقال له:

" أرأيت ما كنت تحذر؟" أي أنّ الملك كان يمنع أن يشيع الإيمان بين رعيّته، ولهذا قتل الراهب وجليسه اللّذان آمنا وأراد قتل الغلام المؤمن، فالملك خاف التوحيد لله تعالى. فقال له هذا الرجل: 

"قد والله نزل بك حذرك، فقد آمن كل الناس برب الغلام" فأمر الملك بشق أخدود أي حفرة عظيمة على مداخل الطرق وأوائلها حتى لا يتمكن الناس من الهرب خارج المدينة، وأشعل في الأخدود نارا وأمر جنوده بأن يلقوا فيه كل من لم يرجع عن دينه، ففعلوا واستمروا كذلك حتى جاءت امرأة ومعها صبي رضيع، فخافت ولزمت موضعها فنطق رضيعها: 

"يا أمّاه اصبري على هذا العذاب فإنه يؤول إلى جزيل الثواب، فإنك على الدين الحق أي على الإيمان والتوحيد"
 

وما يجب استخلاصه من هذه القصة العجيبة:

  • أن الله ينصر من توكّل عليه وانتصر به، وخرج من حول نفسه وقواها لحول الله فلا حول ولا قوة إلا بالله، فوّض أمرك إلى الله.
  • وفيها كذلك إشارة إلى صبر الصالحين على الابتلاء، فوجب على المؤمن الصبر على الأذى والصبر على الطاعات وعلى محاربة الغير له ولدينه خاصة في زماننا.
  • وفيها كذلك أن الله تعالى يجيب دعوة المظلوم. إذا دعاه "اللهم اكفِنا شرور العباد" كما دعا الغلام "اللهم اكفنيهم بما شئت".
  • وجوب تربية النشأ على التوحيد وعلى فهم القرآن والسنة، والمجاهدة في تربيتهم على أسس الإسلام. فالرّاهب علّم الغلام في صغره معنى التوحيد.


وفي هذا قال تعالى في سورة البروج : 

﴿ قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ ٤﴾ ﴿ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ ٥﴾ ﴿ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ ٦﴾ 

أي الملك و أصحابه يتفرجون على الناس وهم يحترقون،

 ﴿ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ ٧﴾  

كانوا يرونهم وشهدوا هذا المنظر المفزع

 ﴿ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ٨﴾

 أي ما ضرّهم إلا أنّ الناس آمنوا بالله الواحد الأحد 

﴿ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ٩﴾ ثمّ قال تعالى:

 ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ١٠﴾ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ١١﴾

 فكان هذا جزاء أصحاب الأخدود الصابرين المحتسبين الله تعالى.
 

رابط فيديو القصة


 

 

1 commentaire:

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

Nom

E-mail *

Message *

مدونة "أحفظ كتاب الله" مهتمة بتفسير وفهم معاني القرآن الكريم، مع وضع طريقة لحفظه و تثبيت الخواتيم و المتشابهات ,