كيف أحفظ سورة البقرة بسهولة؟ الوجه 5 من المصحف. الآيات 25...29 من سورة البقرة بربط الآيات وتثبيت الخواتيم والمتشابهات
كيف أحفظ سورة البقرة بسهولة؟ الوجه 5 من المصحف. الآيات 25...29 من سورة البقرة بربط الآيات وتثبيت الخواتيم والمتشابهات
لمّا ذكر الله تعالى ما أعدّه للكافرين به وبما نزّل على رسوله صلى الله عليه وسلم، عطف في الصفحة الموالية بذكر حال المؤمنين:
" وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنۡهَا مِن ثَمَرَةٖ رِّزۡقٗا قَالُواْ هَٰذَا ٱلَّذِي رُزِقۡنَا مِن قَبۡلُۖ وَأُتُواْ بِهِۦ مُتَشَٰبِهٗاۖ وَلَهُمۡ فِيهَآ أَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞۖ وَهُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ " (25)
ذِكر الشيء وعكسه خاصية في كتاب الله ولهذا يسمى بالمثاني لأنه يذكر مثنّيات (المؤمن و الكافر، الجنّة والنار، السّماء والأرض…)
فكما وصف من قبل النار بأنّ وقودها النّاس والحجارة، وصف الجنّة وما فيها. فخاطب رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يخبر الذين آمَنوا بالله عزَّ وجلَّ، وآمَنوا به وبما جاء به من عند الله تعالى، وصدَّقوا إقرارَهم ذلك بأعمالهم الصالحة، بأنَّ لهم في الآخرة جنّات تجري من تحتها الأنهار.
ولمّا رزقهم الله تعالى من نعيم الجنّة و رأوا ثمارها قالوا "هذا الذي رُزقنا من قبل" أي هذا الذي رزقنا الله في الحياة الدنيا، ظنّا منهم أنَّها نفس الثَّمرة التي أُعطوها سابقًا في الدنيا؛ لمشابهتها إيَّاها في المنظر، فتقول الملائكة: كل فاللّون واحد والطّعم مختلف. وقال ابن عبّاس "لا يشبه شيء ممّا في الجنّة ما في الدّنيا إلاّ في الأسماء".
"ولهم فيها أزواج مطهرة" لهم أزواج مطهرة من كلّ دنس حسّي ومعنوي "وهم فيها خالدون" خالدون في نعيم الجنة.
ملاحظة:
ذُكِر في الآية (22) الرّزق الدّنيوي الذي أمدّه الله لعباده .
"ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ"،
فذكر بعدها في الآية (25) الرّزق الذي يمدّه الله لعباده المؤمنين في الجنّة :
"وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنۡهَا مِن ثَمَرَةٖ رِّزۡقٗا قَالُواْ هَٰذَا ٱلَّذِي رُزِقۡنَا مِن قَبۡلُۖ وَأُتُواْ بِهِۦ مُتَشَٰبِهٗاۖ وَلَهُمۡ فِيهَآ أَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞۖ وَهُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ"
ربط الآيات :
ضرب الله تعالى في الآيتين 18/19 مثليْن إحداهما ناريّا والآخر مائيّا
ليبيّن بهما صفات المنافقين، بعدها جاء نداء الله لكلّ النّاس وأمرهم بعبادته وحده
وألّا يتّخذوا من دونه شركاء لئلّا يكون مصيرهم
جهنّم و العياذ بالله، بعدها مباشرة بيّن جزاء المؤمنين.
ثمّ ذكّر تعالى بأهمّية ضرب الأمثال للنّاس بكلّ مخلوقاته، فيزيد المؤمنين هدى وإيمانا ويزيد الكافرين ضلالا وكفرا فقال:
إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَسۡتَحۡيِۦٓ أَن يَضۡرِبَ مَثَلٗا مَّا بَعُوضَةٗ فَمَا فَوۡقَهَاۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَيَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۖ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلٗاۘ يُضِلُّ بِهِۦ كَثِيرٗا وَيَهۡدِي بِهِۦ كَثِيرٗاۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِۦٓ إِلَّا ٱلۡفَٰسِقِينَ (26)
"فَمَا فَوۡقَهَا"
هناك قولان: إمّا فما دونها من الصّغر أو فما أكبر منها، لأنه لا شيء أحقر وأضعف من البعوضة.
"فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَيَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۖ"
فالذين صدَّقوا بقلوبهم وجوارحهم، يَعلَمون أنَّ هذا المثَل المضروب
حقٌّ، حتّى لو خفي عليهم تفصيله، فهم يَعلَمون أنَّه حقٌّ في الجُملة؛ لعِلمهم بأنَّ
الله لم يضربْه عبثًا، بل لحِكمةٍ بالغة، فيزدادون بذلِك إيمانًا مع إيمانهم ويقرون
به،
"وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلٗاۘ"
فلم يَفهَموا حِكمةَ المثل المضروب، لذا
فهم يعترضون ويتحيَّرون، ويجادلون ويشكّكون في قول الله تعالى باستهزاء.
ثم بيَّن الله تعالى حكمة ضرب المثل في كتابه،
فقال:
"يُضِلُّ بِهِۦ كَثِيرٗا وَيَهۡدِي بِهِۦ كَثِيرٗاۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِۦٓ إِلَّا ٱلۡفَٰسِقِينَ"
أي يزيد أهل الهدى والتّقوى هد ى وإيمانا
من تصديقهم كلام الله، ويزيد الضّالّين ضلالا بتكذيبهم بما هو حق ويقين.
من هم هؤلاء الفاسقون ؟ يصِف اللهُ تعالى الفاسقين الذين يَضلُّون بالمَثل المضروب، فيصفهم بثلاث صفات:
ٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِۦ وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ (27)
فنقض العهد من الفسوق, وهو وصيّةُ الله تعالى بالإيمان به سبحانه وبجميع رُسله ومنهم محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّمَ، فالفاسقون هم الذين ينبذون هذا العهدَ الذي أخذه الله عليهم, فأهل الكتاب المنافقون يعلمون أن رسول الله بُعث بالحق ولم يصدقوا به، وأنكروا نبوّته.
فائدة تربوية:
قال الشيخ العثيمين رحمه الله كل من فَرّط في واجب،أو فَعل
محرّما، فإنّ ذلك من نقض العهد الذي بينه وبين الله
وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَل
أي يَقطعون كلَّ ما أمر الله تعالى بوَصلِه،
كالأرحام، والتَّصديق بالأنبياء، وغير ذلك من شرائع الدِّين.
"وَيُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ"
والفساد يكون بمعصية أوامر الله.
"أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ"
فبكُفرِهم وأفعالِهم التي يرتكبونها قد ضلُّوا، وحَرَموا أنفسهم من الرِّبحِ الحقيقيِّ بنَيلِ رحمة الله تعالى، خسروا لأنهم كفروا، ولهذا قال منكرا عليهم كفرهم:
"كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُون"(28)
يُنكر
الله تعالى على مَن كفر به، مُتعجِّبًا من كُفرهم مع وضوح الأدلَّة على وجودِه سبحانه،
وعلى قُدْرته العظيمة، والحال أنَّه أماتهم مرَّتين، وأحياهم مرَّتين؛
وذلك بأنْ يُخرِجَهم من العدَم بعد أنْ كانوا نُطُفًا في أصلابِ آبائهم فيُحييهم بأنْ ينفُخَ الرُّوح فيهم؛ ليَخرجوا إلى عالم الوجود الدُّنيويِّ
"وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ"
ثم يُميتَهم بقَبْض أرواحهم من أجسادِهم، فتنقضيَ آجالُهم الدنيويَّة، ثم يُحييَهم في قُبورِهم للبَعث والنُّشور،
"ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ"
ثم يُخرجَهم من قُبورِهم، ويَحشرَهم إليه يوم القِيامة
"ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ"
وبعدما ذكر دلائل قدرته في إحياء وإماتة العباد، ذكر دلائل قدرته في خلق الكون:
"هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰٓ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَسَوَّىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖۚ وَهُوَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ" (29)
هذا الربُّ جلَّ وعلا الخالق البارئ، هو الذي أوجد لكم كلَّ ما على الأرض كرمًا وفضلًا منه، للانتفاعِ به، والاستمتاعِ، والاعتبار, ثمّ استوى بمعنى قصد وأقبل على خلق السّماوات بعد خلق الأرض و ما عليها, و هو عليم بكل أحوال عباده.
رابط تحميل البطاقات المرفقة للمقال
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire